الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة بقلم عبد السلام بن عامر: حكاية مع الراحل أحمد خالد

نشر في  24 ماي 2022  (21:15)

بقلم: عبد السلام بن عامر 
 
بعد الترحم على روح رجل الثقافة أحمد خالد الذي رحل يوم أمس الاثنين 23 ماي، أودّ رواية هذه الحكاية معه ثم مع إدارة التوجيه المسرحي.
 
أعلنت وزارة الثقافة ذات سنة من بداية الثمانينات عن نيتها اقتناء نصوص مسرحية شريطة حصولها على تأشيرة من الإدارة المعنية. وبعد أن رفضت لي هذه الأخيرة أكثر من نص بتبريرات مختلفة وقعتْ في فخ رفض نصّ لي بتعلّة تضمّنه أخطاء لغوية.
 
ولأني كنت على غاية من الغرور(!)، بعثت برسالة إلى وزير الثقافة وقتها عنوانها "رسالة (غير) مفتوحة إلى وزير الثقافة" مهددا بفتحها على أعمدة الصحافة ("الرأي" وقتها) ومضمونها تحدي وزارة الثقافة أن تجد خطأ واحدا في مسرحيتي!
 
وبسرعة وصلني استدعاء من الوزارة وقابلت المرحوم أحمد خالد بصفته مدير ديوان. وقد استقبلني الرجل ببشاشة.. ثم قال لي ضاحكا ما مفاده أنه لا داعي للتحدّي.. وأن لغة رسالتي وحدها تشهد بتمكّني من اللغة العربية.. ووعدني بإعادة النظر في نص مسرحيتي..
 
وقد تم ذلك فعلا وتلقيت بعد مدة تأشيرة للنصّ (التأشيرة-الشرط الوحيد لاقتناء النصوص)
ولما حملت التأشيرة إلى إدارة التوجيه المسرحي استقبلني أحدهم صائحا ورذاذ لعابه يتناثر في وجهي (وأظنه المرحوم الشاذلي زعرة غفر الله له) قائلا ما مفاده بالعربية الفصحى: "هكذا؟ تشتكينا إلى الوزارة.. ولأول مرة في إدارة التوجيه المسرحي "يكسر" لنا وزير كلمتنا ويأمر بإعادة النظر في نص من النصوص؟؟"
 
وبعد برهة أضاف: "إيه توّا آش تحب؟ التأشيرة ماك خذيتها.. آش تحب آخر؟". ولما ذكرته بأني استوفيت شرط اقتنائها قال لي: "لا.. ماناش شاريين..اتدبّر علينا؟.. بطلنا"
وكان ذلك آخر عهد لي بكتابة المسرح.. بل وحتى بالذهاب إلى المسرح !!!
============
 
تولى أحمد خالد في أكتوبر 1980 رئاسة ديوان وزير الثقافة وظل في هذا المنصب ست سنوات مع البشير بن سلامة وزكرياء بن مصطفى، ليطلب التقاعد المبكر ولم يتجاوز الخمسين في 1 يناير 1987، ليتفرغ للكتابة والبحث والتحقيق والتأريخ والتوثيق.